الخصوصية وموقعها من الإعراب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، الحمد لله حمدا كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، الحمد لله رب العالمين عدد ما كان، وعدد ما يكون، وعدد الحركات والسكون، الحمد لله رب العالمين.
" الخصوصية وموقعها من الإعراب "
قبل البدء أرغب بتوجيه بعض الأسئلة لك وهي:
هل تؤمن بالخصوصية في عالم الإنترنت ؟
ما هي النسبة المئوية التي ترى بها مقدار الخصوصية في عالم الإنترنت ؟
ما هو مقدار البيانات أو المعلومات التي تسمح بمشاركتها على هذا العالم ؟
ما هو مقدار حساسية هذه المعلومات التي تتم مشاركتها ؟
ما هو مقدار إيمانك بأن الحماية المتوفرة في عالم الإنترنت تكفي لحماية بياناتك ؟
الخ من هذه الأسئلة... ؟؟؟؟؟!
صديقي العزيز، إن ما أريده منك أن تجيب عن الأسئلة السابقة قبل البدء بقراءة هذه المقالة المتواضعة ( والتي تعبر عن رأيي الشخصي في مجال الخصوصية في عالم الإنترنت ) بعد خبرة متواضعة في العمل ضمن نطاق هذا العالم وفي عدة مجالات…
بعد إجابتك على الأسئلة السابقة تفضل بقراءة هذه الكلمات .. والتي تتمحور في مجملها حول كلمة " خصوصية " ….
ما هي الخصوصية ؟ أوما هو تعريفك للخصوصية؟
يشير هذا المصطلح بأصله الى نطاق الحياة التي يعيشها فرد ما في عالمه الخاص، ولا يرغب بأن ينكشف هذا العالم لغيره الا لمن أراد، وبمقدار ما يريد هو !!
تطور مفهوم الخصوصية بعد دخول العالم في مراحل التطور التكنولوجي وخصوصا بعد دخول الحواسيب والإنترنت الى كل شيء في حياتنا، وبهذا تطور مصطلح الخصوصية ليكون شكله دفاعيا أكثر، ويصنف تحت عدة عناوين مثل خصوصية الحاسوب والتي يندرج تحتها خصوصية الإنترنت، وهنا أصبح المصطلح بطريقة ما، يعني ما هو المقدار اللازم من المعلومات التي يجب أن أتخلى عنها – من خصوصيتي – حتى أصل لما أريد، مثلها مثل السلعة التقليدية أقدم 10 دنانير فأحصل على لباس من القطن أو أقدم 20 دينار فأحصل على لباس من الحرير :P... (لكن ليس دائما !)
أما الخصوصية في معناها التقني فيشير الى الحق القانوني في الحفاظ على خصوصية البيانات على موقع ما، أو شبكة ما أو جهاز حاسوبي ما ..الخ
بين علماء الحاسوب وعلماء القانون الذين يتحدثون عن الخصوصية تجد أن المحامون الخصوصيون يؤمنون بأن الخصوصية الخاصة بالمعلومات يجب أن تتواجد، وهذا ما نؤمن به جميعا !!، لكن ما يؤكده خبراء الحاسوب أنه لا يوجد ما يسمى بخصوصية في عالم الإنترنت !!..(وهذا أمر يسهل رؤيته وتوضيحه)
من الأمور التي تجعل أمر التعامل مع المشاكل القانونية للإنترنت أمر صعبا، هو عدم وجود مالك للإنترنت (أو مالك معروف على الأقل :P)
هذه هي الخصوصية ! هل عرفتها !
والآن لنشاهد أهم ما يتم البحث عنه في المواقع من أمور تتعدى على هذه الخصوصية، وهي تختلف بحسب إختلافات أو بالأحرى أولويات جامع هذه المعلومات، أذكر أهمها ب:
1) المعلومات الشخصية (مثل الإسم، العمر، العرق، الدين ..)
2) المعلومات الصحية الخاصة بك.
3) معلومات وموقع السكن.
4) ” المعلومات المالية ”
5) ”البيانات بشتى أنواعها – صور – ملفات – كلمات مرور - ..الخ ” والتي تمثل بيانات سرية لك تتجنب إطلاع الغير عليها ..!
6) قد تتعجب بأن من أهم المعلومات التي يرغب بجمعها عنك هي قائمة إهتماماتك!، فهم بهذا الجزء الهام يستطيعون الولوج الى طريقة تفكير مجموعة ما، وتحليلها، ومن ثم محاولة تخمين المواد التي يرغبون بالحصول عليها، ليقدموها كمنتج لهم !! أو لاستغلالها في أغراض أخرى استخباراتية وأمنية وغيرها ! وقد تستخدم لخدمتك في الحصول على المعلومات التي ترغب في أسرع وقت ممكن ^^.
كما تلاحظ فإن هذه المعلومات هي الكنز الدفين لأي خصوصية، وكما تلاحظ فإن ما كنا نعتبره سرا لا يجب البوح به للغرباء، أصبح في متناول الجميل، من عرفنا ومن لم نعرف !
هل لاحظت أمرا غريبا في المعلومات التي يبحث \ تبحث عنها المواقع المختلفة أو الأفراد المتلصصين أو الجهات الأمنية المختلفة ..الخ ؟
هل لاحظت أن هذه المعلومات كانت تشكل جزئا خاصا من خصوصيتك ؟
هذا يقودنا الى ما نؤمن به حول سياسة الخصوصية !
" سياسة الخصوصية بذاتها هي سياسة إنتهاك الخصوصية بأسلوب قانوني وبرغبتنا نحن! "
طبعا هناك لكل موقع سياسة خصوصية تعلم بها مستخدميها بكيفية استخدام ” معلوماتهم“ لخدمة مصالحهم !! ومن أشهر هذه الشركات جوجل على سبيل المثال لا الحصر !! ولمن اطلع على سياسة هذه المواقع ستجد مثلا في موقع جوجل أنه يخبرك باستخدام معلوماتك ومدة جلوسك على الجهاز والموقع ورقم الجهاز والمقاطع التي شاهدتها والكلمات التي بحثت عنها وانشاء ملف شخصي يتضمن الإسم والصورة، ومعلومات عن البطاقة الإئتمانية ..الخ لتحصل على كامل الخدمات أو أفضل خدمة ممكنة ..! وهذا فعلا ما يحدث، وأنا من أشد المحبين لجوجل، وممن يقدم معلومات متنوعة للحصول على خدمات أكبر - لكن بضوابط - !!
ولنضرب مثالا آخر على الفيس بوك لأن - جوجل تجعلني عنصريا لها :P - فالفيس مثلا بسياسية الخصوصية الخاصة به، تعطيه الحق في متابعتك والحصول على معلوماتك - بحجة تقديم معلومات أفضل - والتطبيقات التي عليها مثل تطبيقات الألعاب على سبيل المثال تطلب منك إذن بالإطلاع على معلومات الإسم والمكان والأصدقاء وصلاحية النشر على الصفحة الشخصية ..الخ الخ (وهذا على أبسط وجه) والسؤال القوي ..لماذا !! - من باب الملاحظة فقط، من عمل في مجال تصميم التطبيقات على مواقع التواصل الإجتماعي يدرك بسهولة مقدار اللصوصية التي يمكن أن أستغل بها عوام الناس للحصول على معلوماتهم التي تمكنني من بيعها أو نشرها أو التصرف بها كيفما أشاء !!...يكفيك فقط شاهد فضيحة فلان ! واربح فورا سيارة 2099 -_-، والله المستعان.
والآن، ما هي الضوابط التي أتخذها للحد من مقدار الإنتهاك الموجه لخصوصيتي ؟
لا أتخلى عن المعلومات التي تخصني أو أشعر بأهمية كتمانها وسريتها لأي من المواقع أو الشبكات.
لا أشارك المعلومات الخاصة بي والتي أسمح بمشاركتها الا بمقدار ما يلزم للحصول على المراد !
لا أشترك في أي تطبيق أو موقع أو شبكة لا أعرفها بمعلومات حقيقية ولا بريد الكتروني رسمي، وإنما بريد الكتروني ومعلومات موجودة لدي خصيصا لمثل هذه المواقع !.
الإطلاع على سياسة إنتهاك الخصوصية أقصد سياسة الخصوصية المصرح للموقع باستغلالها لخدمتك.
الإحتفاظ بأي معلومات مهمة لديك أو أبحاث أو صور شخصية أو مقاطع فيديو أو أي معلومات لا ترغب بمشاركتها على جهاز أو قرص لا يوجد عليه إنترنت أو لا يستخدم الإنترنت أثناء استخدام القرص الذي يحتوي المعلومات !.
لا تثق بأحد في عالم الإنترنت، حتى بجهازك ذاته !، وحتى بشبكة الإنترنت، وصولا الى الشخص المتلقي للمعلومة !(عن قصد أو غير قصد).
لا تثق بنظام الأمان لأي موقع، وعلى أي شبكة، فطالما أن هذه المعلومات في مكان آخر في العالم وعلى هذه الشبكة، لا يوجد ما يضمن لك حمايتها!، وهنا نضع قاعدة: " لا يوجد تطبيق بدون ثغرات، ولا يوجد أمان دون وجود مفتاح لصمام الأمان هذا "
الخ من الوسائل المختلفة التي قد تستخدمها وتحد من مقدار الإنتهاك الصارخ لخصوصيتك،
والآن سأجيب عن الأسئلة التي قمت بطرحها في أول هذا المقال:
لا
أقل من 1% وفي أفضل الأحوال 5% في حال الإلتزام بتطبيق النقاط التي سبقت في هذا المقال.
أسمح بمشاركة المعلومات أو البيانات التي لا تمثل لدي أي حساسية.
مقدار الحساسية أيضا يؤول الى 0، لأني ما أشاركه (راغبا) في غالب الأمر لا أحرج منه، الا إن كان عن غير قصد أو خطأ أو اندفاع من شخص آخر !
أقل من 1%، اذا كانت الحساسة عالية، وأكثر من ذلك إذا قلت نسبة الحساسية !
هذا مجمل ما أؤمن به حول الخصوصية والأمان، وتختلف هذه المعايير كما ذكرت ونسبتها بمقدار حساسية البيانات ..ومقدار الحماية الذي أجده في عالم الإنترنت، هو مقدار الحماية الذي لم يكتشف بعد طريقة لاختراقه !، وقد أكون متشائما نوعا ما، لكن الإحصائيات حول مقدار السرقات والجرائم الإلكترونية ومقدار عمليات الإبتزاز التي تنفذ عبر الإنترنت كبيرة جدا.. لنأخذ مثلا:
من موقع صيد الفوائد نقلا عن محمد محمود النص التالي:
"1999 اختراق مواقع مجلس الشيوخ الأمريكي، البيت الأبيض، الجيش الأمريكي، وعشرات المواقع الحكومية الأخرى بتوقيع> زايكلون <·
2000 إغراق مواقع عملاقة مثل ياهو، أمازون · كوم، إي باي، سي إن إن، بطريقة الحرمان من الخدمة الهجوم وفي أغسطس (2002)، نجح خبراء أمنيون (أو هاكرز رسميون) بإحدى شركات الاتصالات الأمريكية في اختراق شبكة كمبيوتر الجيش الأمريكي، حيث كشفت الشركة النقاب عن أنها تمكنت من اختراق أجهزة حاسب تابعة للجيش، وتمكنت من الحصول على معلومات عسكرية وحكومية حساسة دون موافقة ·"
عدا عن كمية بطاقات الإئتمان التي تتم سرقتها سنويا، وجرائم الإبتزاز وغيرها من الجرائم الإلكتروني، فمثلا بالأردن وصل عدد الجرائم من مثل هذا النوع الى 1114 قضية في عام 2012! ولك أن تتخيل ما خفي ولك أن تتخيل الدول الأكبر تعدادا للسكان !!
ملاحظات: هذه النقاط تعبر عن رأيي الشخصي حول عالم الخصوصية في الإنترنت، ويظهر هذا من خلال العمل مع عدة شركات، ومن خلال مشاهدة التقارير أو النتائج الضروس من وراء انتهاك الخصوصية واستغلاها، وبما يتم عرضه من جرائم الكترونية على النشرات الإخبارية المختلفة، وبما نسمعه من محتوى مخيف وجرائم مخيفه داخل " الإنترنت المظلم " ….
اللهم عافنا واعف عنا واهدنا سواء السبيل. اللهم آمين.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد صل الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم.
والحمد لله رب العالمين.
أخوكم أنيس أبوحميد.
16-08-2015.