الإسلام والتقنية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير المرسلين، سيدنا محمد صل الله عليه وسلم، وعلى اله وصبحه أفضل الصلاة وأتم التسليم أما بعد،
" الإسلام والتقنية "
إخواني وأصدقائي الأعزاء، سأتطرق اليوم الى موضوع مهم جدا لنا كمسلمين نعيش في عالم التكنولوجيا، متابعين لحيثياتها، ومهتمين بخطاها لحظة بلحظة، وهو الإسلام والتقنية ! وعلاقتنا كمسلمين مع التكنولوجيا الحديثة!..ومع أنها يجب أن تكون من المسلمات ..لكن الواقع يظهر لنا أننا إما نجهل أنو نتجاهل أننا مسلمين !! ..لذلك صديقي أرجوا أن تقرأ هذه الكلمات بعين البحث عن الحق، سائلا المولى عز وجل أن يهدينا ويوفقنا وإياكم لكل خير ..
هل الإسلام يحارب العلم ؟
هل الإسلام يحبط من يرغب في اكتساب مهارات جديدة ؟
هل الإسلام عائق أمام انتشار التقنيات الكثيرة التي نشاهدها ؟
وهل الإسلام يحارب البرمجة والمبرمجين ؟!
طبعا الجواب بكل تأكيد ..لا
الإسلام يا صديقي العزيز أمرنا بالعلم، والإسلام يا صديقي يلزمك بأن تكتسب مهارات جديدة وتزيد من قدراتك، والإسلام يا صديقي هو الذخر لك لتبحر في عالم العلم بإيمانك الراسخ حول أهمية العلم في ديننا العظيم، والإسلام يا صديقي لا يحارب التقنية ولا يحارب البرمجة والمبرمجين، وهو ليس عائقا لإنتشار التقنيات المختلفة بل قد يكون الإسلام هو الجسر اللازم لنشر هذه التقنية !
لكن هذا الكلام الجميل ليس بابً مفتوحٌ على مصرعيه، وليست حرية مطلقة !
فكما هو معروف، هناك قاعدة عامة - مع قصور هذا الفهم - تخبرنا ب " تنتهي حريتك عندما تبدأ حرية الآخرين "، فحتى الحرية لها حد، فهي ليست مطلقة، وبهذا، فإن إطلاق الأمر دون تقييد هي سفسطة ناتجة إما عن جهل أو عن رغبة في التمرد أو القبوع تحت سيطرة الأقوى ..الخ
وبهذا إن لم يكن في الإسلام، قواعد أو إستنباطات شرعية لما يحدث من أمور تقنية، لعد هذا قصورا، وحاشاه من القصور، فبارك الله لنا في ديننا وبارك لنا في علمائنا الذين لا يكلون عن قول الحق ..
ما علاقة هذا في الموضوع؟!
هذه المقدمة مهمة لما سأقوله الآن ..لذلك وجب ذكرها قبل حديثي هذا ..
بطبيعة عملنا، فإننا نتعرض لكثير من المغريات التي تجذبنا للحصول على الإسم أو الشهرة أو الربح المادي أو إثبات الذات ..الخ، لكن هذه المغريات الكثيرة قد تحتوي على كثير من المنكرات أو ما لا يحل شرعا !
ولا أعتقد أن هنالك منا من لم يعرض عليه برمجة موقع يحتوي على صور إباحية ! ، أو مواقع فيها رقص وغناء وفجور، أو برامج لبنوك ربوية، أو سرقة بطاقات ائئتمانية أو معلومات المستخدمين، أو اختراق الأخرين وابتزازهم، أو التجسس...الخ
لاحظ أن هذه العمليات جميعها عمليات تقنية..لكن جميعها يحرم شرعا علينا العمل بها ! وانظر أو أمعن النظر في كل جانب، ستجد أن كل جانب منها له جانب مقابل ..
فمثلا مواقع الرقص والغناء أو مواقع الإباحية وغيرها وبمحدودية أنواعها فإنها لا تعد شيئا أمام المواقع المباح لنا العمل بها مثل انشاء موقع قرآن أو موقع لتجارة السيارات أو موقع لشركة عقارية أو ...أو...الخ، كما أنني بدلا من سرقة المعلومات واستخدمها يمكن أن أكون هاكر أخلاقي، ويمكن أن أشهر اسمي بدلا من السمعة السيئة، كخبير أمني مختص في اكتشاف الثغرات ..وهذا سيعود عليك بالمال أيضا !! لكن بالحلال ^_^، وسبحان الله ..هي فقط النظرة ومن أي جانب ستنظر للأمر.
إن ما يميزنا فعلا كمسلمين عن غيرنا أن نظرة الإنسان المسلم للدنيا والمادة نظرة زائلة، نهتم بها، وملزمين بإثرائها، والمحافظة عليها، على أن تكون هذه المادة والدنيا في أيدينا وليست في قلوبنا، كما أن هذا المسلم ينظر لهذه المادة كطريق للوصول لرضى الله تعالى، وتحقيق معنى استخلاف الله تعالى للإنسان على هذه الأرض، وبذات الوقت يهتم هذا المسلم بالمجتمع والفرد، فلا ينظر لفائدة شخصية، مقابل الضرر في المجتمع، هذا هو ديننا..
سيقول البعض أن هذا الأمر صعب، وأن الإلتزام به سيكون صعبا، ضمن انتشار أعداء الإسلام بشتى الجوانب، واتباع الشركات لهذه الأفكار دون مراعاة لدين أو فكر أو حتى عادات وتقاليد مجتمع ما !!، وكلامك هذا صحيح الأمر صعب، ولكنه ليس مستحيلا ..
ومن تجربة شخصية، فقد من الله تعالى علي بأن أعمل في شركات عدة، لم أقم في أي منها حتى بالموافقة على رفع صورة لفتاة واحدة لم تكن ترتدي الزي الشرعي الإسلامي الكامل !، ومع ذلك وضمن مبادئي هذه، فقد وفقني الله تعالى بالعمل قبل إنهائي لمراحل الدراسة الجامعية الخاصة بي، علما أن من بين أساتذتي وأقرب الأشخاص لي " لن تعمل ولن تفلح بحياتك طالما أبقيت تفكيرك هكذا، وفي أحسن الأحوال كانوا يخبروني أن مجالك التعليم فقط"، وفعليا كنت أرغب بالتعليم وبشدة، وذلك لإيماني بأن هذه المهنة أعظم مهنة على وجه الأرض، لكن بفضل الله تعالى ومشيئته، فلم يتم قبولي في سلك التعليم، وعملت في سلك البرمجة.. والى الآن بفضل الله مصر على هذا الموقف، ونسأل الله تعالى الثبات .. وإن كنت ستقول أن هذه حالة واحدة فقط، فسأخبرك يا صديقي ..أننا ومجموعة أصدقائي الرائعين الذين شاطروني دراستي أيضا لم يعملوا فيما حرم الله .. مثل أحمد درويش ومعاذ جمال ويوسف رسمي وعبدالرحمن فواعرة ..وغيرهم الكثير من الأسماء التي لم أذكرها وهم شباب دفعة ..وباختصار من يريد الحلال سيصل اليه بإذن الله تعالى ..ومن يريد الحرام أيضا سيجده .. ومن كان ينظر الى الأمام ومن كان ينظر بنظرة تملأها أخلاق رفيعة ..لن يقبل أن يضر مجتمعا يعيش فيه، ولن يقبل بأن يتنازل عن سمو أخلاقه ورفعة روحه مقابل بضع وريقات مادية ...والله المستعان.
اللهم إنا نسألك الرزق الحلال الطيب، الذي به نكون أقرب اليك، ونسألك برحمتك مغفرة من عندك، تعفو بها عنا وعن آبائنا وأمهاتنا وإخواننا وأخواتنا ..برحمتك يا عزيز يا غفار. اللهم آمين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.